الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
تنبيه: قَوْلُهُ: وَهِيَ ضَرْبَانِ صَحِيحٌ وهو ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا شَرْطُ مقتضي الْبَيْعِ كَالتَّقَابُضِ وَحُلُولِ الثَّمَنِ وَنَحْوِهِ. بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي لو جَمَعَ بين شَرْطَيْنِ من هذا. قَوْلُهُ الثَّانِي شَرْطٌ من مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاشْتِرَاطِ صِفَةٍ في الثَّمَنِ كَتَأْجِيلِهِ أو الرَّهْنِ أو الضَّمِينِ بِهِ أو صِفَةٍ في الْمَبِيعِ نَحْوِ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أو خَصِيًّا أو صَانِعًا أو مُسْلِمًا أو الْأَمَةِ بِكْرًا أو الدَّابَّةِ هِمْلَاجَةً وَالْفَهْدِ صَيُودًا فَيَصِحُّ الشَّرْطُ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ وفي بِهِ هو في جَمِيعِ ما تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَلِصَاحِبِهِ الْفَسْخُ. يَعْنِي إذَا لم يَتَعَذَّرْ الرَّدُّ فَأَمَّا إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ تَعَيَّنَ له الْأَرْشُ وَإِنْ لم يَتَعَذَّرْ الرَّدُّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ ليس له إلَّا الْفَسْخُ لَا غَيْرُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ. قال الزَّرْكَشِيُّ في الرَّهْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالسَّامِرِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الْفَسْخَ أو أَرْشَ فَقْدِ الصِّفَةِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس وَغَيْرُهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ ويحكي عن بن عَقِيلٍ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ.
تنبيه: قَوْلُهُ أو الرَّهْنِ أو الضَّمِينِ بِهِ. من شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَا مُعَيَّنَيْنِ فَإِنْ لم يُعَيِّنْهُمَا لم يَصِحَّ وَلَيْسَ له طَلَبُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ لِمَصْلَحَتِهِ وَيُلْزَمُ بِتَسْلِيمِ رَهْنِ الْمُعَيَّنِ إنْ قِيلَ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ. وفي الْمُنْتَخَبِ هل يَبْطُلُ بَيْعٌ بِبُطْلَانِ رَهْنٍ فيه لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَمْ لَا كَمَهْرٍ في نِكَاحٍ فيه احْتِمَالَانِ.
فائدة: وَمِنْ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا لو شَرَطَهَا تَحِيضُ او اشْتَرَطَ الدَّابَّةَ لَبُونًا أو الْأَرْضَ خَرَاجَهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ فِيهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال ابن شِهَابٍ إنْ لم تَحِضْ طَبْعًا فَفَقْدُهُ يَمْنَعُ النَّسْلَ وَإِنْ كان لِكِبَرٍ فَعَيْبٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الثَّمَنَ. وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ كَوْنِهَا لَبُونًا قال في الرِّعَايَةِ وهو أَشْهَرُ. قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا كَافِرَةً فَبَانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً فَلَا فَسْخَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له الْفَسْخَ لِأَنَّ له فيه قَصْدًا. قُلْت وهو قَوِيٌّ. وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي فِيمَا إذَا شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً.
تنبيه: مِمَّا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لو شَرَطَهَا ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا أو شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إنَّمَا مَثَّلُوا بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ حَمَل ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه. قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُهُ على ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ ذلك من بَابِ ال تنبيه: على ما مَثَّلَهُ الْأَصْحَابُ وَلِذَلِكَ أَجْرَاهُ الشَّارِحُ على ظَاهِرِهِ.
فائدة: لو شَرَطَهُ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا فَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَنَّ له الْفَسْخَ. قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ وهو مُشْكِلٌ من جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ في الْكَافِرَةِ مَوْجُودَةٌ في الْكَافِرِ. وقال أبو بَكْرٍ حُكْمُهُ حُكْمُ ما إذَا شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً. قال في الرِّعَايَةِ هذا أَقْيَسُ. قال في التَّلْخِيصِ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. قُلْت وهو الصَّحِيحُ. وَذَكَرَ بن الْجَوْزِيِّ فِيمَا إذَا شَرَطَهُ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا رِوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ الطَّائِرَ مُصَوِّتًا أو أَنَّهُ يَجِيءُ من مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ صَحَّ. إنْ شَرَطَ الطَّائِرَ مُصَوِّتًا فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الصِّحَّةَ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال الشَّارِحُ الْأَوْلَى جَوَازُهُ. قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي. قال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو الْأَشْهَرُ قال النَّاظِمُ وهو الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ. قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وقد وَافَقَ على ذلك في الْهَادِي وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا. وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَجِيءَ من مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا الصِّحَّةَ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ. قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى. قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْكَافِي. وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ وَصَحَّحَهُ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَشْهُرُهُمَا بُطْلَانُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا. فَتَلَخَّصَ في الْمَسْأَلَتَيْنِ طُرُقٌ يَصِحُّ الشَّرْطُ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ في الْأُولَى وفي الثَّانِيَةِ الْخِلَافُ لَا يَصِحُّ في الْأُولَى وَيَصِحُّ في الثَّانِيَةِ وهو الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو شَرَطَ الطَّائِرَ يَبِيضُ أو يُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ أو الْأَمَةَ حَامِلًا فَحُكْمُهُنَّ كَالْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ عِنْدَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَأَمَّا إذَا شَرَطَ في الطَّائِرِ أَنَّهُ يَبِيضُ فقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي الْأَوْلَى الصِّحَّةُ. قُلْت وهو الْأَوْلَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ. وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ يُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قال في الْفَائِقِ بَطَلَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَشْهَرُ الْبُطْلَانُ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يَصِحُّ وَنَسَبَهُ في الْحَاوِيَيْنِ إلَى اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ. وقد قَدَّمَ في الْكَافِي أَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ يَصِيحُ في وَقْتٍ من اللَّيْلِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَأَمَّا إذَا شَرَطَ أَنَّهُ يَصِيحُ في أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ فإنه يَجْرِي مَجْرَى التَّصْوِيتِ في الْقِمْرِيِّ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَإِنْ شَرَطَ الْأَمَةَ حَامِلًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قُلْت وهو أَوْلَى. وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ فيه وَصَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَمَّا إذَا شَرَطَ الدَّابَّةَ حَامِلًا فقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ الْبُطْلَانُ وَقِيلَ يَصِحُّ الشَّرْطُ. الثَّانِيَةُ لو شَرَطَ أنها لَا تَحْمِلُ ففاسدن [ففاسد] وَإِنْ شَرَطَهَا حَائِلًا فَبَانَتْ حَامِلًا فَلَهُ الْفَسْخُ في الْأَمَةِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا فَسْخَ له في غَيْرِهَا من الْبَهَائِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ بَلَى كَالْأَمَةِ. وقال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي ليس بِعَيْبٍ في الْبَهَائِمِ إنْ لم يَضُرَّ اللَّحْمَ. وَيَأْتِي ذلك في الْعُيُوبِ في الْبَابِ الذي بَعْدَ هذا. قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا في الْبَيْعِ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا أو حِمْلَانِ الْبَعِيرِ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمَذْهَبِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ قال في الْقَوَاعِدِ وَحَكَى عنه رِوَايَةً لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.
تنبيه: يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ اشْتِرَاطُ وَطْءِ الْأَمَةِ وَدَوَاعِيهِ فإنه لَا يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ.
فائدة: يَجُوزُ لِلْبَائِعِ إجَارَةُ ما اسْتَثْنَاهُ وَإِعَارَتُهُ مُدَّةَ اسْتِثْنَائِهِ كَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ. إذَا بِيعَتْ وَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَإِنْ كان بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِنْ كان بِتَفْرِيطِهِ فَهُوَ كَتَلَفِهَا بِفِعْلِهِ نَصُّ عليه وقال يَرْجِعُ على الْمُبْتَاعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. قال الْقَاضِي مَعْنَاهُ عِنْدِي يَضْمَنُهُ بِالْقَدْرِ الذي نَقَصَهُ الْبَائِعُ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَإِنْ كان التَّلَفُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَتَفْرِيطِهِ لم يَضْمَنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ. وقال الْقَاضِي يَضْمَنُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالُوا نُصَّ عليه وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَضْمَنُهُ بِمَا نَقَصَ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطِهِ وَلَا فِعْلِهِ ضَمِنَ نَفْعَهُ الْمَذْكُورَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ نُصَّ عليه فَيَقُومُ الْمَبِيعُ بِنَفْعِهِ وَبِدُونِهِ فما نَقَصَ من قِيمَتِهِ أُخِذَ من ثَمَنِهِ بِنِسْبَتِهِ. وَقِيلَ بَلْ ما نَقَصَهُ الْبَائِعُ بِالشَّرْطِ انْتَهَى.
فائدة: لو أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعَ ما يَقُومُ مَقَامَ الْمَبِيعِ في الْمَنْفَعَةِ أو يُعَوِّضُهُ عنها لم يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ فَإِنْ تَرَاضَيَا على ذلك جَازَ. قَوْلُهُ أو يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ في الْمَبِيعِ كَحَمْلِ الْحَطَبِ وَتَكْسِيرِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَتَفْصِيلِهِ. الْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أو تَقْدِيرُهُ كَحَمْلِ الْحَطَبِ أو تَكْسِيرِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ أو تَفْصِيلِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ جَمَعَ بين شَرْطَيْنِ لم يَصِحَّ. فَلَوْ جَعَلْنَا الْوَاوَ على بَابِهَا كان جَمْعًا بين شَرْطَيْنِ وَلَا يَصِحُّ ذلك. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ في الْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنُصَّ عليه قال أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ الْمَذْهَبُ جَوَازُهُ. وَسَوَاءٌ كان حَصَادًا أو جَزَّ رَطْبَةً أو غَيْرَهُمَا. قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمُخْتَارُ لِلْأَكْثَرَيْنِ. قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَكَذَا قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ في غَيْرِ شَرْطِ الْحَصَادِ. قال الْقَاضِي لم أَجِدْ بِمَا قال الْخِرَقِيُّ رِوَايَةً في الْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فائدة: حَكَى كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ في الْمَبِيعِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَطَعُوا بِصِحَّةِ شَرْطِ الْبَائِعِ نَفْعًا مَعْلُومًا في الْمَبِيعِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ في اشْتِرَاطِ نَفْعِ الْبَائِعِ جَمْعًا بين بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَقَدْ جَمَعَ بين بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ وهو مَنْهِيٌّ عنه. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةِ الْمَبِيعِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ أَعْيَانِ الْمَبِيعِ وَكَمَا لو بَاعَ أَمَةً مُزَوَّجَةً او مُؤَجَّرَةً أو شَجَرَةً عليها ثَمَرَةٌ قد بَدَا صَلَاحُهَا.
تنبيه: فَعَلَى الصِّحَّةِ لَا بُدَّ من مَعْرِفَةِ النَّفْعِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ فَلَوْ شَرَطَ الْحَمْلَ إلَى مَنْزِلِهِ وهو لَا يَعْرِفُهُ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ في جَزِّ الرَّطْبَةِ إنْ شَرَطَهُ على الْبَائِعِ لم يَصِحَّ. وَجَعَلَه ابن أبي مُوسَى الْمَذْهَبَ وَقَدَّمَهُ في في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. قال الْمُصَنِّفُ فَيَخْرُجُ ها هنا مِثْلُهُ وَخَرَّجَهُ قَبْلَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ وَجَمَاعَةٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فَقِيلَ يُقَاسُ عليه ما أَشْبَهَهُ من اشْتِرَاطِ مَنْفَعَةِ الْبَائِعِ وهو الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وهو الصَّوَابُ فإنه نَقَلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً تُوَافِقُ من خَرَجَ ذَكَرَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمَجْدِ وصاحب [صاحب] الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كما تَقَدَّمَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ تَخْتَصُّ مَسْأَلَةُ الْخِرَقِيِّ بِمَا يُفْضِي الشَّرْطُ فيه إلَى التَّنَازُعِ لَا غير. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قال في مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ. الثَّانِي أَنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ مَنْفَعَةِ الْبَائِعِ في الْمَبِيعِ. وَأَطْلَقَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عن كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في الْكَافِي. قال في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ شَرْطُ جَزِّ الرَّطْبَةِ عليه. فَخَرَجَ هُنَا مِثْلُهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَتَبِعَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَنَاظِمِ النِّهَايَةِ. قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا التَّخْرِيجُ ضَعِيفٌ بَعِيدٌ يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ وَالْأُصُولَ. وَخَرَّجَ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ صِحَّةَ الشَّرْطِ في النِّكَاحِ. قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلُوا مَسْأَلَةَ الْخِرَقِيِّ في حَصَادِ الزَّرْعِ انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ فِعْلُ ما وَقَعَ عليه الشَّرْطُ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ بِعَمَلِهِ فَهُوَ كَالْأَجِيرِ فَإِنْ مَاتَ أو تَلِفَ أو اُسْتُحِقَّ فَلِلْمُشْتَرِي عِوَضُ ذلك نُصَّ عليه وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ بَذْلَ الْعِوَضِ عنه لم يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي قَبُولُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْعِوَضِ عنه لم يَلْزَمْ الْبَائِعَ بَذْلُهُ فَلَوْ رَضِيَا بِعِوَضِ النَّفْعِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَالثَّانِي يَجُوزُ. قَوْلُهُ وَإِنْ جَمَعَ بين شَرْطَيْنِ لم يَصِحَّ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَهُ في الْفَائِقِ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَكُونَا من مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ فَأَمَّا إنْ كَانَا من مَصْلَحَتِهِ فإنه يَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي في. شَرْحِهِ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَرَدُّوا غَيْرَهُ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ لَا يَجُوزُ شَرْطَانِ في بَيْعٍ فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَا من الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أو الصَّحِيحَةِ وَقَدَّمَاهُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لو شَرَطَ شَرْطَيْنِ فَاسِدَيْنِ أو صَحِيحَيْنِ لو انْفَرَدَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ دُونَ شُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ. وقال في الصُّغْرَى وَإِنْ جَمَعَ في عَقْدٍ شَرْطَيْنِ يُنَافِيَانِهِ بَطَلَ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا من مَصْلَحَتِهِ لَا يَبْطُلُ كَالْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا كان الشَّرْطَانِ فَأَكْثَرُ من مُقْتَضَاهُ فإنه يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فَسَّرَ الشَّرْطَيْنِ الْمَنْهِيَّ عنهما بِشَرْطَيْنِ فَاسِدَيْنِ وَكَذَا فَسَّرَهُ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَرَدَّهُ في التَّلْخِيصِ بِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُؤَثِّرُ في الْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَدُّدِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ في تَأْثِيرِهِ خِلَافٌ وَالِاثْنَانِ لَا خِلَافَ في تَأْثِيرِهِمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ فَسَّرَهُمَا بِشَرْطَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَيْسَا من مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَلَا مُقْتَضَاهُ وهو الْمَذْهَبُ على ما تَقَدَّمَ. قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ هُمَا شَرْطَانِ مُطْلَقًا يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَا صَحِيحَيْنِ أو فَاسِدَيْنِ أو من غَيْرِ مَصْلَحَةٍ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وكذا قال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا. الثَّانِيَةُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِشَرْطٍ على الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ لَا يَصِحُّ. وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ إذَا أَجَّرَ هذه الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فإذا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ فَسَخْتهَا أَنَّهُ يَصِحُّ كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ وهو فَسْخٌ صَحِيحٌ على الْأَصَحِّ. قال في الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي في الْإِقْرَارِ لو قال بِعْتُك إنْ شِئْت فَشَاءَ وَقَبِلَ صَحَّ. وَيَأْتِي في الْخُلْعِ تَعْلِيقُهُ على شَيْءٍ. قَوْلُهُ في الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَحَدُهَا أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا على صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ كَسَلَفٍ أو قَرْضٍ أو بَيْعٍ أو إجَارَةٍ أو صَرْفٍ لِلثَّمَنِ أو غَيْرِهِ فَهَذَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ على الْأَصَحِّ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبْطِلَ الشَّرْطَ وَحْدَهُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ.
فائدة: هذه الْمَسْأَلَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ الْمَنْهِيُّ عنها قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ الْبَيْعَتَانِ في بَيْعَةٍ إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَبِعِشْرِينَ نَسِيئَةً جَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ بَلْ هذا شَرْطَانِ في بَيْعٍ. وقال في الْعُمْدَةِ الْبَيْعَتَانِ في الْبَيْعَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هذا بِعَشَرَةٍ صِحَاحٍ أو بِعِشْرِينَ مُكَسَّرَةٍ أو يقول بِعْتُك هذا على أَنْ تَبِيعنِي هذا أو تَشْتَرِيَ مِنِّي هذا انْتَهَى فَجَمَعَ فِيهِمَا بين الرِّوَايَتَيْنِ. وَنَقَلَ أبو دَاوُد إنْ اشْتَرَاهُ بِكَذَا إلَى شَهْرٍ كُلَّ جُمُعَةٍ دِرْهَمَانِ قال هذا بَيْعَانِ في بَيْعٍ وَرُبَّمَا قال بَيْعَتَانِ في بَيْعَةٍ. قَوْلُهُ الثَّانِي شَرْطُ ما يُنَافِي مُقْتَضَى الْبَيْعِ نَحْوُ أَنْ يَشْرِطَ أَنْ لَا خَسَارَةَ عليه أو مَتَى نَفَقَ الْمَبِيعَ وَإِلَّا رَدَّهُ أو أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَلَا يَعْتِقَ أو إنْ أَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ له أو يَشْرِطُ أَنْ يَفْعَلَ ذلك فَهَذَا بَاطِلٌ في نَفْسِهِ. على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إلَّا ما اسْتَثْنَى وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَتَأْتِي الرِّوَايَةُ في ذلك وَالْكَلَامُ عليها. وَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ. وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. قال الْقَاضِي الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ لو شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَإِنْ بَاعَهَا فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بها فَنَصَّ أَحْمَدُ على الصِّحَّةِ وقال وَنُصُوصُهُ صَرِيحَةٌ بِصِحَّةِ هذا الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَمَنْعِ الْوَطْءِ وَذَكَرَ نُصُوصًا كَثِيرَةً. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِلَّذِي فَاتَ غَرَضُهُ الْفَسْخُ أو أَرْشُ ما نَقَصَ من الثَّمَنِ بِإِلْغَائِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يَخْتَصُّ ذلك بِالْجَاهِلِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ دُونَ الْعَالِمِ جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ. وقيل [قيل] لَا أَرْشَ له بَلْ يَثْبُتُ له الْخِيَارُ بين الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا غَيْرُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ . قَوْلُهُ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْعِتْقَ فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ. إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهَا في التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ قال في النَّظْمِ وهو الْأَقْوَى. قال الزَّرْكَشِيُّ في الْكَفَّارَاتِ الْمَذْهَبُ من الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ جَوَازُ ذلك وَصِحَّتُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ قَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ في الْكَفَّارَاتِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْوَجِيزِ. فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَيَبْطُلُ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَغَيْرِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْبَرُ عليه إنْ أَبَاهُ كما قال الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ كَالنَّذْرِ وهو الصَّحِيحُ. قال النَّاظِمُ هو الْأَقْوَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ هو حَقٌّ لِلْبَائِعِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ. فَيَثْبُتُ له خِيَارُ الْفَسْخِ وَلَهُ إسْقَاطُهُ مَجَّانًا وَلَهُ الْأَرْشُ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ ولم يُعْتِقْهُ. نَقَلَ الْأَثْرَمُ إنْ أَبَى عِتْقَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِنْ أَمْضَى فَلَا أَرْشَ في الْأَصَحِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو امْتَنَعَ من الْعِتْقِ وَأَصَرَّ فقال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يَعْتِقَهُ الْحَاكِمُ عليه فَلَوْ بَادَرَ الْمُشْتَرِي وَبَاعَهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَيْضًا لم يَصِحَّ قَدَّمَهُ في نِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي لِلتَّسَلْسُلِ وَصَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ. وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ وقال عِنْدِي أَنَّ هذا الْخِلَافَ مُرَتَّبٌ على أَنَّ الْحَقَّ هل هو لِلَّهِ وَيُجْبَرُ عليه إنْ أَبَى أو لِلْبَائِعِ فَعَلَى. الْأَوَّلِ هو كَالْمَنْذُورِ عِتْقُهُ وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ الْفَسْخُ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ فإن هذا الشَّرْطَ يَنْقُصُ بِهِ الثَّمَنُ عَادَةً. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ له الْفَسْخُ لِسَبْقِ حَقِّهِ انْتَهَى.
تنبيه: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَنْهُ فِيمَنْ بَاعَ جَارِيَةً وَشَرَطَ على الْمُشْتَرِي إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بها بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ جَائِزٌ مع فَسَادِ الشَّرْطِ. يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ هذه الرِّوَايَةِ صِحَّةُ الشَّرْطِ لِسُكُوتِهِ عن فَسَادِهِ فَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ. رَوَى الْمَرُّوذِيُّ عنه أَنَّهُ قال هو في مَعْنَى حديث النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا شَرْطَانِ في بَيْعٍ يَعْنِي أَنَّهُ فَاسِدٌ. وَرَوَى عنه إسْمَاعِيلُ أَنَّهُ قال الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَاتَّفَقَ عُمَرُ وابن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنهما على صِحَّتِهِ. قال الْمُصَنِّفُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ على فَسَادِ الشَّرْطِ وفي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ على جَوَازِ الْبَيْعِ فيكون [فكون] الْبَيْعِ صَحِيحًا وَالشَّرْطِ فَاسِدًا وهو مُوَافِقٌ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ نُقِلَ عن بن سَعِيدٍ فِيمَنْ بَاعَ شيئا وَشَرَطَ عليه إنْ بَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ جَوَازُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ. وَسَأَلَهُ أبو طَالِبٍ عَمَّنْ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ أَنْ يَتَسَرَّى بها لَا لِلْخِدْمَةِ قال لَا بَأْسَ بِهِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ روى [وروي] عنه نَحْوُ عِشْرِينَ نَصًّا على صِحَّةِ هذا الشَّرْطِ. قال وَهَذَا من أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا شَرَطَ على الْبَائِعِ فِعْلًا أو تَرْكًا في الْبَيْعِ مِمَّا هو مَقْصُودٌ لِلْبَائِعِ أو لِلْمَبِيعِ نَفْسِهِ صَحَّ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ كَاشْتِرَاطِ الْعِتْقِ. فَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ هذا الشَّرْطِ بَلْ اخْتَارَ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَالشَّرْطِ. في كل عَقْدٍ وَكُلِّ شَرْطٍ لم يُخَالِفْ الشَّرْعَ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْمِ يَتَنَاوَلُ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ وَالصَّرِيحَ وَالْكِنَايَةَ كَالنَّذْرِ وَكَمَا يَتَنَاوَلُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْعَجَمِيَّةِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ في صِحَّةِ هذا الشَّرْطِ وَلُزُومِهِ رِوَايَتَيْنِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ ما نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لَا بَأْسَ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو شَرَطَ على الْمُشْتَرِي وَقْفَ الْمَبِيعِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالشُّرُوطِ الْمُنَافِيَةِ لِمُقْتَضَى الْبَيْعِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعِتْقِ إذَا شرطه [شرط] على الْمُشْتَرِي كما تَقَدَّمَ. الثَّانِيَةُ مَحَلُّ هذه الشُّرُوطِ أَنْ تَقَعَ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ. قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ شَرَطَ ما يُنَافِي مُقْتَضَاهُ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ في الْعَقْدِ وقال بَعْدَ ذلك بِأَسْطُرٍ وَيَعْتَبِرُ مُقَارَنَةَ الشَّرْطِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَالنِّكَاحِ. وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ شَرْطًا في أَوَّلِ بَابِ شُرُوطِ النِّكَاحِ. قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا وَنَحْوَهُ. مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ خِيَارًا أو أَجَلًا مَجْهُولَيْنِ أو نَفْعَ بَائِعٍ وَمَبِيعٍ إنْ لم يَصِحَّا أو تَأْخِيرَ تَسْلِيمِهِ بِلَا انْتِفَاعٍ وَكَذَا فِنَاءُ الدَّارِ لَا بِحَقِّ طَرِيقِهَا فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ على وَجْهَيْنِ. بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في شَرْطِ ما يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وقد عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ.
فائدة: لو عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ على بَيْعِهِ فَبَاعَهُ عَتَقَ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ نُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ ولم يُنْقَلْ عنه في ذلك خِلَافٌ انْتَهَى. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ من حَيْثُ الْجُمْلَةِ. وقال في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ على قَوْلِ أَصْحَابِنَا. وَتَرَدَّدَ فيه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَوْضِعٍ وَلَهُ فيه طَرِيقَةٌ أُخْرَى تَأْتِي. قال الْعَلَّامَةُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في تَخْرِيجِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على طُرُقٍ. أَحَدُهَا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ لم يُنْقَلْ من الْبَائِعِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ فَأَمَّا على الْقَوْلِ بِالِانْتِقَالِ وهو الصَّحِيحُ فَلَا يُعْتَقُ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو احْتِمَالٌ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ. قال ابن رَجَبٍ وفي هذه الطَّرِيقَةِ ضَعْفٌ وَبَيَّنَهُ. الثَّانِي أَنَّ عِتْقَهُ على الْبَائِعِ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ له فلم تَنْقَطِعْ عَلَقَتُهُ عن الْمَبِيعِ بَعْدُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ. الثَّالِثُ أَنْ يَعْتِقَ على الْبَائِعِ عَقِبَ إيجَابِهِ وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي وَهِيَ طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ على بَيْعِهِ وَبَيْعُهُ الصَّادِرُ منه هو الْإِيجَابُ فَقَطْ وَلِهَذَا سُمِّيَ بَائِعًا. قال ابن رَجَبٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وهو كما قال. الرَّابِعُ أَنَّهُ يُعْتَقُ على الْبَائِعِ في حَالَةِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَتَرَتَّبُ على الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ وَثُبُوتِ الْعِتْقِ فَيَتَدَافَعَانِ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ دُونَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ. قال ابن رَجَبٍ وَيَشْهَدُ له تَشْبِيهُ أَحْمَدَ له بِالْمُدَبَّرِ وَالْوَصِيَّةِ. الْخَامِسُ أَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَصِحَّتِهِ وَانْتِقَالِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِالْعِتْقِ على الْبَائِعِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَتَشْبِيهُهُ بِالْوَصِيَّةِ. وَسَلَكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ طَرِيقًا سَادِسًا فقال إنْ كان الْمُعَلَّقُ لِلْعِتْقِ قَصْدَهُ الْيَمِينَ دُونَ التَّبَرُّرِ بِعِتْقِهِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ خَرَجَ عن مِلْكِهِ فَبَقِيَ كَنَذْرِهِ إلَّا أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَتُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّرَ صَارَ عِتْقًا مُسْتَحَقًّا كَالنَّذْرِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيَكُونُ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا على [في] صُورَةِ الْبَيْعِ كما لو قال لِمَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إذَا بِعْته فعلى عِتْقُ رَقَبَةٍ أو قال لِأُمِّ وَلَدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ انْتَهَى كَلَامُ بن رَجَبٍ. فَلَقَدْ أَجَادَ وَأَفَادَ وَلَهُ على هذه الطُّرُقِ اعْتِرَاضَاتٌ وَمُؤَاخَذَاتٌ لَا يَلِيقُ ذِكْرُهَا هُنَا وَذَلِكَ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ. وَيَأْتِي في أَوَاخِرِ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْحَمْلِ لو قال لِعَبْدِهِ إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ أو فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي. قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ شَرْطًا يُعَلِّقُ الْبَيْعَ كَقَوْلِهِ بِعْتُك إنْ جِئْتنِي بِكَذَا أو إنْ رضي فُلَانٌ. فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال في الْفَائِقِ فَفَاسِدٌ قَالَهُ أَصْحَابُنَا لِكَوْنِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ ثُمَّ قال وَنُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَعْلِيقُهُ فِعْلًا منه قال شَيْخُنَا هو صَحِيحٌ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى. قَوْلُهُ أو يقول لِلْمُرْتَهِنِ إنْ جِئْتُك بِحَقِّك وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَك يَعْنِي مَبِيعًا بِمَا لَك عِنْدِي من الْحَقِّ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الشَّرْطُ في الرَّهْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَنُصَّ عليه بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَبْطُلُ الثَّانِي وَإِنْ لم يَأْتِهِ صَارَ له وَفَعَلَهُ الْإِمَامُ. قَالَهُ في الْفَائِقِ وقال قُلْت فَعَلَيْهِ غَلْقُ الرَّهْنِ اسْتِحْقَاقُ الْمُرْتَهِنِ له بِوَضْعِ الْعَقْدِ لَا بِالشَّرْطِ كما لو بَاعَهُ منه ذَكَرَهُ في بَابِ الرَّهْنِ. وَأَمَّا صِحَّةُ الرَّهْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ يَأْتِيَانِ مع الشَّرْطِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الرَّهْنِ في آخِرِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو قَبِلَ الْمُرْتَهِنُ ذلك فَهُوَ امانة عِنْدَهُ إلَى ذلك الْوَقْتِ ثُمَّ يَصِيرُ مَضْمُونًا لِأَنَّ قَبْضَهُ صَارَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. وقال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ بن هَارُونَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ بِحَالٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَفْسُدُ فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. الثَّانِيَةُ يَصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ المبيع [البيع] على ثَمَنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فيقول بِعْتُك على أَنْ تَرْهَنَهُ بِثَمَنِهِ. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَاخْتَارَه ابن حامد وَالْقَاضِي. وَلَوْ قال إنْ أو إذَا رَهَنْتَنِيهِ فَقَدْ بِعْتُك فبيع [فقد] معلق [علق] بِشَرْطٍ. وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ إنْ قال بِعْتُك على أَنْ تَرْهَنَنِي لم يَصِحَّ وَإِنْ قال إذَا رَهَنْتَنِيهِ على ثَمَنِهِ وهو كَذَا فَقَدْ بِعْتُك فقال اشْتَرَيْت وَرَهَنْتهَا عِنْدَك على الثَّمَنِ صَحَّ الشِّرَاءُ وَالرَّهْنُ. قَوْلُهُ إلَّا بَيْعَ الْعُرْبُونِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ بَيْعَ الْعُرْبُونِ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنُصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ لَا يَصِحُّ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ. قال الْمُصَنِّفُ وهو الْقِيَاسُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. لَكِنْ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْمَنْصُوصُ الصِّحَّةُ في الْعَقْدِ وَالشَّرْطِ. قَوْلُهُ وهو أَنْ يَشْتَرِيَ شيئا وَيُعْطِيَ الْبَائِعَ دِرْهَمًا وَيَقُولَ إنْ أَخَذْته وَإِلَّا فَالدِّرْهَمُ لَك. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ هذه صِفَةُ بَيْعِ الْعُرْبُونِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ وَقَّتَ أو لم يُوَقِّتْ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ الْعُرْبُونُ أَنْ يَقُولَ إنْ أَخَذْت الْمَبِيعَ وَجِئْت بِالْبَاقِي وَقْتَ كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ لَك جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ.
فائدة: إجَارَةُ الْعُرْبُونِ كَبَيْعِ الْعُرْبُونِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الدِّرْهَمَ لِلْبَائِعِ أو لِلْمُؤَجِّرِ إنْ لم يَأْخُذْ السِّلْعَةَ أو يَسْتَأْجِرَهَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ النَّاظِمُ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَهُ شَيْخُنَا في حَوَاشِي الْفُرُوعِ. وقال في الْمَطْلَعِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَرْدُودًا إلَيْهِ إنْ لم يَتِمَّ الْبَيْعُ وَلِلْبَائِعِ مَحْسُوبًا من الثَّمَنِ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ ولم أَرَ من وَافَقَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِعْتُك على أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ نُصَّ عليه. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ وَالشَّرْطَ صَحِيحَانِ فَإِنْ. مضي الزَّمَنُ الذي وَقَّتَهُ له ولم يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِفَوَاتِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ من كل عَيْبٍ لم يَبْرَأْ. وَكَذَا لو بَاعَهُ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ من عَيْبٍ كَذَا إنْ كان وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَثْبُتُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَسْقُطُ كَالشُّفْعَةِ وَاعْتَمَدَ عليه في عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَعَنْهُ يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ عَلِمَ الْعَيْبَ فَكَتَمَهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَنَقَل ابن هَانِئٍ إنْ عَيَّنَهُ صَحَّ. وَمَعْنَاهُ نَقَل ابن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْعُيُوبِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ مُرْفَقٌ في الْبَيْعِ كَالْأَجَلِ وَالْخِيَارِ. وقال في الِانْتِصَارِ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا نَظَرُ الصِّحَّةِ كَالْبَرَاءَةِ من الْمَجْهُولِ وَذَكَرَهُ هو وَغَيْرُهُ رِوَايَةً وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا وهو تَخْرِيجٌ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ خَرَّجَ أَصْحَابُنَا الصِّحَّةَ من الْبَرَاءَةِ من الْمَجْهُولِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لم يَبْرَأْ أَنَّ هذا الشَّرْطَ لَا تَأْثِيرَ له في الْبَيْعِ وَأَنَّهُ صَحِيحٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِهِ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ. قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَفْسُدُ بها الْعَقْدُ فَيَدْخُلُ فيها هذا الْبَيْعُ انْتَهَى. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَيْبَ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ سَوَاءٌ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وقال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ في عَيْبٍ بَاطِنٍ وَخَرَجَ لَا يُعْرَفُ عَوَرُهُ احْتِمَالَانِ. وقال أَيْضًا وَإِنْ بَاعَهُ على أَنَّهُ بِهِ وَأَنَّهُ بَرِيءٌ منه صَحَّ. قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ دَارًا على أنها عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَبَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَه ابن عقيل. قال النَّاظِمُ وهو اولى وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ. وَعَنْهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى لَا تَفْرِيعَ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إلْزَامُهُ لِلْبَائِعِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ. أَنَّهُ سَوَاءٌ سَلَّمَهُ الْبَائِعُ الزَّائِدَ مَجَّانًا أو لَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ الْفَسْخِ إذَا لم يُعْطِهِ الزَّائِدَ مَجَّانًا وَإِنْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ مَجَّانًا فَلَيْسَ له الْفَسْخُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَا على إمْضَائِهِ جَازَ. يَعْنِي على إمْضَاءِ الْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ وَقَسْطُ الزَّائِدِ فَإِنْ رضي الْمُشْتَرِي بِالْأَخْذِ أَخَذَ الْعَشَرَةَ وَالْبَائِعُ شَرِيكٌ له بِالذِّرَاعِ وَهَلْ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الْفَسْخِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. أحدهما له الْفَسْخُ قال الشَّارِحُ أَوْلَاهُمَا له الْفَسْخُ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا خِيَارَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي فإنه رَدَّ تَعْلِيلَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَتْ تِسْعَةَ اذرع فَهُوَ بَاطِلٌ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ. وَعَنْهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في [والمذهب] المذهب وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى لَا تَفْرِيعَ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ النَّقْصُ على الْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بين الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ من الثَّمَنِ. وَإِنْ اتَّفَقَا على تَعْوِيضِهِ عنه جَازَ فَإِنْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِقِسْطِهِ من الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بين الرِّضَى بِذَلِكَ وَبَيْنَ الْفَسْخِ فَإِنْ بَذَلَ له الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ لم يَمْلِكْ الْفَسْخَ.
فوائد: إحْدَاهَا حُكْمُ الثَّوْبِ إذَا بَاعَهُ على أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَبَانَ أَحَدَ عَشَرَ أو تِسْعَةً حُكْمُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّانِيَةُ لو بَاعَهُ صُبْرَةً على أنها عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ فَبَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ مُشَاعًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. وَإِنْ بَانَتْ تِسْعَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيُنْقِصُ من الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ وَلَا خِيَارَ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ له الْخِيَارُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الثَّالِثَةُ الْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يُمْلَكُ بِهِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ نُفُوذَ تَصَرُّفِهِ فيه من الطَّلَاقِ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ كَالْغَصْبِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ في يَدِهِ وَإِنْ نَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ وَإِنْ تَلِفَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِقِيمَتِهِ. وَإِنْ كانت أمه فَوَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عليه وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَرْشُ بَكَارَتِهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يوم وَضْعِهِ وَإِنْ سَقَطَ مَيِّتًا لم يَضْمَنْ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَقْصِ الْوِلَادَةِ. وَإِنْ مَلَكَهَا الواطىء [الواطئ] لم تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى قال ذلك كُلَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. وَيَأْتِي هذا بِأَتَمَّ منه في أَوَاخِرِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فيه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
|